کد مطلب:239659 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:164

نص الوثیقة
بسم الله الرحمن الرحیم :

هذا كتاب كتبه عبدالله بن هارون الرشید، أمیرالمؤمنین، لعلی بن موسی بن جعفر، ولی عهده ..

أما بعد :

فان الله عزوجل اصطفی الاسلام دینا، و اصطفی من عباده رسلا دالین علیه، و هادین الیه، یبشر أولهم بآخرهم، و یصدق تالیهم ماضیهم، حتی انتهت نبوة الله الی محمد (ص)، علی فترة من الرسل، و دروس من العلم، و انقطاع من الوحی، و اقتراب من الساعة، فختم الله به النبیین، و جعله شاهدا لهم، و مهیمنا علیهم . و أنزل علیه كتابه العزیز، الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه، و لا من خلفه، تنزیل من حكیم حمید، بما أحل و حرم، و وعد و أوعد ، و حذر و أنذر، و أمر به، و نهی عنه ؛ لتكون له الحجة البالغة علی خلقه ؛ لیهلك من هلك عن بینة، و یحیا من حی عن بینة، و ان الله لسمیع علیم ..

فبلغ عن الله رسالته، و دعا الی سبیله بما أمره به : من الحكمة، و الموعظة الحسنة، و المجادلة بالتی هی أحسن، ثم بالجهاد و الغلظة،



[ صفحه 450]



حتی قبضه الله الیه، و اختار له ما عنده (ص)، فلما انقضت النبوة، و ختم الله بمحمد (ص) الوحی و الرسالة، جعل قوام الدین، و نظام أمر المسلمین بالخلافة، و اتمامها و عزها، و القیام بحق الله فیها بالطاعة، التی یقام بها فرائض الله تعالی و حدوده، و شرائع الاسلام و سننه، و یجاهد بها عدوه ..

فعلی خلفاء الله طاعته فیما استحفظهم و استرعاهم من دینه و عباده، و علی المسلمین طاعة خلفائهم، و معاونتهم علی اقامة حق الله و عدله، و أمن السبیل، و حقن الدماء، و صلاح ذات البین، و جمع الالفة . و فی خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمین، و اختلالهم، و اختلاف ملتهم، و قهر دینهم، و استعلاء عدوهم، و تفرق الكلمة، و خسران الدنیا و الآخرة.

فحق علی من استخلفه الله فی أرضه، و ائتمنه علی خلقه، أن یجهد الله نفسه، و یؤثر ما فیه رضا الله و طاعته، و یعتد لما الله مواقفه علیه، و مسائله عنه . و یحكم بالحق، و یعمل بالعدل فیما أحله الله و قلده ؛ فان الله عزوجل یقول لنبیه داود : « یا داود انا جعلناك خلیفة فی الارض فاحكم بین الناس بالحق ، و لا تتبع الهوی، فیضلك عن سبیل الله، ان الذین یضلون عن سبیل الله لهم عذاب شدید بما نسوا یوم الحساب » . و قال الله عزوجل : « فوربك لنسألنهم أجمعین عما كانوا یعملون »، و بلغنا أن عمر بن الخطاب قال : «لو ضاعت سخلة بشاطی ء الفرات، لتخوفت أن یسألنی الله عنها » .

و أیم الله، ان المسؤول عن خاصة نفسه، الموقوف علی عمله فیما بینه و بین الله، لیعرض علی أمر كبیر، و علی خطر عظیم، فكیف بالمسؤول عن رعایة الامة . و بالله الثقة، و الیه المفزع و الرغبة فی التوفیق و العصمة، و التسدید و الهدایة الی ما فیه ثبوت الحجة، و الفوز من الله بالرضوان و الرحمة ..



[ صفحه 451]



و أنظر الامة لنفسه، و أنصحهم لله فی دینه و عباده، من خلائقه فی أرضه، من عمل بطاعة الله و كتابه، و سنة نبیه (ص) فی مدة أیامه، و بعدها، و أجهد رأیه فیمن یولیه عهده، و یختاره لامامة المسلمین و رعایتهم بعده، و ینصبه علما لهم، و مفزعا فی جمع الفتهم، و لم شعثهم، و حقن دمائهم، و الأمن باذن الله من فرقتهم، و فساد ذات بینهم و اختلافهم، و رفع نزغ الشیطان و كیده عنهم، فان الله عزوجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام الاسلام و كماله، و عزه، و صلاح أهله، و ألهم خلفاءه من توكیده لمن یختارونه له من بعدهم ما عظمت به النعمة، و شملت فیه العافیة، و نقض الله بذلك مكر أهل الشقاق و العداوة، و السعی و الفرقة، و التربص للفتنة .

و لم یزل أمیرالمؤمنین منذ أفضت الیه الخلافة، فاختبر بشاعة مذاقها، و ثقل محملها، و شدة مؤونتها. و ما یجب علی من تقلدها من ارتباط طاعة الله، و مراقبته فیما حمله منها، فأنصب بدنه، و أسهر عینه، و أطال فكره فیما فیه عزالدین، و قمع المشركین، و صلاح الامة، و نشر العدل، و اقامة الكتاب و السنة . و منعه ذلك من الخفض و الدعة، و مهنأ العیش، علما بما الله سائله عنه، و محبة أن یلقی الله مناصحا له فی دینه، و عباده، و مختارا لولایة عهده، و رعایة الامة من بعده : أفضل من یقدر علیه : فی دینه و ورعه، و علمه، و أرجاهم للقیام فی أمر الله و حقه، مناجیا بالاستخارة فی ذلك، و مسألته الهامه ما فیه رضاه و طاعته، فی آناء لیله و نهاره . معملا فی طلبه و التماسه فی أهل بیته : من ولد عبدالله بن العباس، و علی بن أبی طالب فكره، و نظره . مقتصرا ممن علم حاله و مذهبه منهم علی علمه، و بالغا فی المسألة عمن خفی علیه أمره جهده و طاقته .. حتی استقصی أمورهم معرفة، و ابتلی أخبارهم مشاهدة، و استبرأ أحوالهم معاینة، و كشف ما عندهم مساءلة، فكان خیرته بعد



[ صفحه 452]



استخارته الله، و اجهاده نفسه فی قضاء حقه فی عباده و بلاده، فی البیتین جمیعا :

علی بن موسی، بن جعفر، بن محمد

ابن علی، بن الحسین، بن علی، أبی طالب

لما رأی من فضله البارع، و علمه النافع، و ورعه الظاهر، و زهده الخالص، و تخلیه من الدنیا، و تسلمه من الناس ..

و قد استبان له ما لم تزل الأخبار علیه متواطئة، و الألسن علیه متفقة، و الكلمة فیه جامعة، و لما لم یزل یعرفه به من الفضل : یافعا، و ناشئا، و حدثا، و مكتهلا، فعقد له بالعقد و الخلافة من بعده [1] واثقا بخیرة الله فی ذلك، اذ علم الله أنه فعله ایثارا له، و للدین، و نظرا للاسلام و المسلمین، و طلبا للسلامة، و ثبات الحجة، و النجاة فی الیوم الذی یقوم الناس فیه لرب العالمین .

و دعا أمیرالمؤمنین ولده، و أهل بیته، و خاصته، و قواده، و خدمه فبایعوا مسارعین مسرورین، عالمین بایثار أمیرالمؤمنین طاعة الله علی الهوی فی ولده و غیرهم، ممن هو أشبك منه رحما، و أقرب قرابة .

و سماه « الرضا » [2] ؛ اذ كان رضا عند أمیرالمؤمنین .



[ صفحه 453]



فبایعوا معشر أهل بیت أمیرالمؤمنین، و من بالمدینة المحروسة، من قواده و جنده، و عامة المسلمین، لأمیرالمؤمنین، و للرضا من بعده علی ابن موسی علی اسمه و بركته، و حسن قضائه لدینه و عباده، بیعة مبسوطة الیها أیدیكم ، منشرحة لها صدوركم، عالمین بما أراد أمیرالمؤمنین، بها، و آثر طاعة الله، و النظر لنفسه و لكم فیها، شاكرین الله علی ما ألهم أمیرالمؤمنین بها : من قضاء حقه فی رعایتكم، و حرصه علی رشدكم و صلاحكم، راجین عائدة ذلك فی جمع الفتكم، و حقن دمائكم، و لم شعثكم، و صد ثغوركم، و قوة دینكم، و رغم عدوكم، و استقامة أموركم .

و سارعوا الی طاعة الله، و طاعة أمیرالمؤمنین ؛ فانه الأمن ان سارعتم الیه ، و حمدتم الله علیه، عرفتم الخط فیه ان شاء الله .


[1] في بعض نسخ كشف الغمة في الهامش : أنه (ع) كتب بقلمه الشريف تحت قوله : « و الخلافة من بعده » قوله : « بل جعلت فداك ».

[2] في بعض نسخ كشف الغمة في الهامش : أنه (ع) كتب بقلمه الشريف تحت كلمة : « الرضا » قوله : « رضي الله عنك و أرضاك، و احسن في الدارين جزاك » و في اخري : أنه كتب تحت ذكر اسمه عليه السلام بقلمه الشريف : « وصلتك رحم، و جزيت خيرا »، و كتب بقلمه الشريف تحت الثناء عليه : « أثني الله عليك فأجمل، و أجزل لديك الثواب فأكمل ».